نبذة عن الكتاب
لم ينمْ منذُ عشر سنين، ليس على سبيل المجاز، بل على الحقيقة، كلّما ألقَى بجسده المُنهَك على الفِراش، فتّحَ الأرقُ عينَيه، كأنّ بينه وبين الغَمض حربًا. اللّيل في الصّيف حارّ، ومن هنا في هذه الغرفة الّتي استأجرها في فندقٍ رخيص وسط البلد تفوحُ بعضُ الرّوائح الكريهة. لعنَ الفقر، والحاجةَ، والحظّ، والفندق، وصاحبَ الفندق، والنّوم، وهمّ بأنْ يلعنَ نفسَه، قبل أنْ يتراجَع، ويقلبَ على جنبه الآخَر، أغمضَ عينَيه في محاولةٍ جديدةٍ لكي ينام، لكنّهما تأبّتا عليه، فَكّر في الحقيبة الجلديّة الحليبيّة الّتي يحتفظُ بها في خِزانة الغرفة، خُيّل إليه أنّ أحدًا سرقَ شيئًا من محتوياتها، فقفز على قدمَيه مذعورًا، ركضَ باتّجاه الخِزانة، فتحها بسرعة، وشدّ سَحّاب الحقيبة العتيقة، وأزاحَ بيدَيه أطرافَها وارحَ يتفقّد موجوداتها بعناية، بعدَ دقائق تنهّد: “لم تمتدّ إليها يدٌ، كلّ شيءٍ فيها على حاله”. ارتاح، وعادَ إلى فِراشه، حاول النّوم من جديد، لم يُفلِحْ،تناهَى إليه صوتُ بعضِ السّكارى في الشّارع الممتدّ أمام الفندق يتصايَحون، شَمّ رائحة الخمر تفوح من أفواههم، عَبَرَتِ الرّائحة الشّارع من ضِفتّه البعيدة إلى الضّفة القريبة حيثُ مدخل الفندق، وصعدت الدّرجات مثل الرّوح، ضبابيةً خفيفة…..
Isbn:978977764153
Reviews
There are no reviews yet.